الأحد، 10 نوفمبر 2013

ازْدِواجيّةٌ باحْتِراف ..

قد نكون مخطئين حينما نقول أننا لسنا بعنصريين ، في حين أن تصرفاتنا جميعها تدل على ذلك ..

ولكن الخطأ في العنصرية نفسها قد أتقبله ، لأنه بحد ذاته من مخرجات تعليمنا منذ زمن طويل ..!

وخطأ إنكارها بالرغم من ظاهرها على شخص ما أتقبله أيضاً ، فالنفس البشرية جُبِلت على إنكار الأخطاء ..!

ولكن الخطأ الذي لم أستطع جاهداً تقبله هو الازدواجية !

أقابل رجلاً في مقهى وأتعرف عليه ، يبدو من كلامه النضج والعلم ..

أكتشف أثناء حديثي معه أنه يعمل في نفس المجال الذي أعمل فيه ، ياللمصادفة !

وتأخذنا الأحاديث في متاهات ، وخلال أبواب كثيرة ، نتفق أحياناً ونختلف .. والإختلاف لا يفسد للود قضية !

أعجبني فيه احترامه وعدم تفريقه بين جميع العاملين معه ، فتجد معه ابن جلدته ، والمسيحي ، واليهودي ، ولا يفرق بينهم جميعاً

وأرى في عمله مع الفريق الاتقان التّام ، والفعالية في الإنجاز وإتمام أعمال اليوم ..

تمر الأيام ونتقابل في مقهى آخر لنتجاذب أطراف الحديث ، وهذه المرة عن بلدنا الذي خرجنا سويةً منه ..

وعن الوظائف في بلد البترول وبراميل النفط المنتشرة بين البيوت كما يظن الأمريكان !

وجدت من ردود صديقي ما يخالف تماماً انطباعي الأول عنه من الأمانة والعدل اللذين يعتبران أساس كل ما يقوم به ..

فتارةً يقول أن أهل المناطق في بلدنا لا ينبغي أن يخرجوا من مناطقهم ، ويبرر أحياناً بأسباب تسليكية ..

وتارةً يتحدث عن الأجانب على حد وصفه من الجنسيات العربية بأنهم لملئ الفراغ في الوظائف التي لا تليق بنا ..!

وكأننا خلقنا من نطفة ذهبية مغطاة بالألماس الناصع ! وهم من النطف اللزجة التي تختفي مع أصغر موجةِ ماء !

قاطعته بعد استفزازي بهذه الجمل اللامنطقية وسألته عن وضعنا في الابتعاث وعمله والعدل الذي أشاهده ..

فرد علي باختلاف الوضع فنحن هنا خارج الحدود ، والأشخاص هنا مختلفون عقلياً عمن يوجدون في بلدنا ..

ثم زاد على جمله القاتلة بأن العرب جرب ، والنظام السائد في بلد الابتعاث يجعل الحيوان مجبراً على العدل !

لم تجد كلماته وتبريراته التافهة مجالاً إلى قلبي ، فأنا أؤمن أن التغيير يبدأ من الأفراد ذاتهم ، ثم ينتشر تأثيرهم في المجموعة !

فكرت كثيراً ولفترة طويلة بما قاله صديقي المزدوج ، وأثناء هذه الفترة قابلت العديد من الزملاء وشاهدت ازدواجية الآخرين أيضاً

فكل شخص تكتشف فيه ازدواجية مختلفة عن موقف صديقي ، ولكنها تنبع من نفس المبادئ وتنتشر من نفس المركز الدماغي !

أصبحت أركز في كل مواقف أبناء بلدي ، وأبناء البلدان العربية لأرى الإزدواجية في أفعالهم وأقوالهم ..

وكعادتي في الكتابة ، لابد أن أذيّل لكم توقيعي ..

أخوكم: عربي بازْدِواجيّةٍ ..!


هناك تعليقان (2):

  1. أحييك يا دكتور عبدالرحمن على هذه العقلية المنفتحة. وعلى الرغم من معرفتي بك التي تعتبر سطحية نوعًا ما إلا أنني يمكنني الجزم بأنك ولله الحمد سلمت من وباء الكثير من التناقضات التي يبتلى بها أبناء بلدنا والعرب عامةً.

    واصل فإنك بإذن الله أحد أولائك الأفراد الذين بدأوا حركة التغيير بأنفسهم وتأثيرهم في طريقه لينتشر في المجتمع.

    ردحذف
  2. ذكرني أسلوبك بهذه التدوينة بشخصية البروفيسور برواية العصفورية لغازي القصيبي
    ووصفه لمشاعره نحو وطنه اثناء اغترابه للعلم مثلك تماما 3/>
    رائع يا دكتور استمر ، استمتعت كثيرا بقراءة مدونتك

    ردحذف