السبت، 16 نوفمبر 2013

فَنُّ الكَذِبْ ..

قد نرى عنوان هذا الموضوع تافهاً ، أو معلومة معروفة مسبقاً ..

لكن عندما نتفكر فيه سنجد أنه يتطور بشكل مثير للجدل ، كنظرية التطور التي مازال الجميع يتحدث عنها ..

قد ترى أيضاً أنها نظريةٌ تافهة ، لا بأس ! فليس هناك ما يمنعك من إغلاق هذا الموضوع التافه أيضاً ..!

يبتدئ الأمر وأنت طفلٌ صغيرٌ ، جلُّ همه ألعابه التي لا تُقدّر بثمن ..

فعند تحطيم أول لعبة وتفتيتها يبدأ جهازك الدفاعيّ باختلاق أعذارٍ لم تحدث لتفرّ من توبيخ والديك ..

سيكشفك الجميع بالبداية ، فأنت ما زلت غير متمرّس في هذا المجال التافه !

ثم تلتحق بالمدرسة وفي زحمة الدفاتر والواجبات يتطور أسلوبك من الأعذار إلى نقل واجبات الآخرين دون بذل أي جهد ..

تستطيع في عديد من المرات الفرار من المعلم الحكم ، الذي يعتقد أنك طالب نشيط ولا يعلم أنها كذبةٌ تافهةٌ !

ويتم اكتشافك بإحدى هذه المرات عندما يتطور زميلٌ لك فيدّعي أنك لم تبذل جهداً بحل واجباتك ..

أنت تطورت في كذبك باستغلال الآخرين ، وتطور زميلك بالإدّعاء وهو نوعٌ من الكذب أيضاً ..!

لم يعلم أنك فعلاً نقلت الواجبات ، ولكن حسده وغيرته القاتلتين دفعته ليتطوّر في كذبه ، فأنتما عشتما نفس الطفولة البريئة !!

تتخرج بمعدلك التسعينيّ ، وهو كذبةٌ تافهةٌ أيضاً فالوحيد الذي يعي خمسينيّته هو أنت ، ولكن تطورك وصل إلى فنّ الإنكار !

تستمر في تطورك وإضافة الجديد يومياً إلى فنّك التافه - الكذب - فتلتحق بعملك وتبدأ تعلمه مع نخبةٍ من المخضرمين الكاذبين !

في بداية عملك تحاول إستعمال فنّ التضليل ، وأحياناً التسويف ، ولكن المستوى في هذه المرحلة من العمر تعدّى مراحل كثيرةٍ من الصعوبة ..

تبحث عن مخارج أخرى عوضاً عن تقبّل آراء المخضرمين ومحاولة الإستفادة منهم ، فتعود إلى تطوير فنّك القديم .. لا شعورياً ..!

فتصل إلى أعظم وأشد درجاته ، النفاق الإجتماعي ..!!

فتعطي من طرف لسانك الحلوى لجميع من يعمل معك ، يحبّك الجميع ويستمرون بالعطاء لك وتسهيل مجرى عملك ..

تسعد كثيراً من النتائج ، فتزيد من النفاق وتطويره إلى تعدد الأوجه ، فتارة تمدح هذا ثم تذمه عن زميل له ، فيرضى عنك الإثنان ..

وتصل في تطوير فنّك إلى مدىً تستطيع من خلاله معرفة من يحبون بعضهم البعض ومن يكنّون البغض لبعضهم خلف الابتسامات الصفراء ..

فتكون اختياراتك بالمدح والذم بتعدد أوجهك صائبةً دائماً ..!

إن كنت وصلت في قرائتك لهذه التفاهة إلى هذا الحد ، أجد نفسي مضطراً لطلب بسيط منك ..

اسأل نفسك ، كم مرة واجهت ما سبق في نطاق عملك ، أو في مدرستك ؟!

ثم تشجّع واسأل نفسك ، كم مرة حدث ما كُتب أعلاه معك أنت شخصياً ؟!

كم وجهاً لك ؟ ..

مبارك .. لقد تخرجت بدرجة كاذبٍ بامتياز .. تفضّل وثيقتك !

عبدالرحمن العمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق